دنيا الوطن

غزة-دنيا الوطن

روى العديد من منكوبي الإعصار "كاترينا" الذي ضرب ولاية لويزيانا الأمريكية الأسبوع الماضي، وتأثرت به بشدة مدينة نيو أورليانز قصصا مروعة عن عمليات اغتصاب وقتل عشوائي من جانب مجرمين ورجال شرطة في أنحاء المدينة، وخاصة في مركزين أقيما بها ليكونا ملاذين آمنين، ولكنهما أصبحا أوكارا للعنف والقتل.

وأغلقت الشرطة والحرس الوطني يوم السبت 3-9-2005 المركزين وهما ساحة سوبردوم ومركز المؤتمرات بالمدينة، وقامت طائرات الهليكوبتر والحافلات بعملية إجلاء جماعية لنقل آلاف الأشخاص إلى مراكز أخرى.

ووصف اللاجئون الذين كانوا ينتظرون لكي يتم نقلهم إلى الملاعب الرياضية والملاذات الأخرى الكبيرة في تكساس وشمال لويزيانا كيف أصبح مركز المؤتمرات والسوبردوم أماكن خارجة عن القانون يكتنفهما القتل والاغتصاب، بحسب وكالة "رويترز".

وروى هؤلاء أكثر من حادث قام فيها المكلفون بحماية اللاجئين بقتلهم بدلا من حمايتهم.

وقال شهود عيان: إن ضابط شرطة من نيو أورليانز مر بسيارته على شاب، ثم أطلق عليه النار دون سبب. وفي حادث آخر قتل جنود الحرس الوطني بالرصاص رجلا كان يحاول الحصول على المساعدة.

ولم تؤكد الشرطة أيا من الحادثتين. وقال اللفتنانت كولونيل بيت شنيدر المتحدث باسم الحرس الوطني: "لم أسمع أي معلومات عن إطلاق نار".

قتل واغتصاب



لكن أحد السكان ويدعى ستيف بانكا قال لرويترز: "قتلوا شابا هنا ليلة أمس... فقد تعرضت شابة للاغتصاب والطعن، ووصلت صرخاتها إلى هذا الرجل لذا ركض إلى الشارع كي يحصل على مساعدة من القوات، ولكي يحاول إيقاف شاحنة تابعة لهم قفز على زجاجها الأمامي فأطلقوا عليه النار وأردوه قتيلا".

أما واد باتيست (48 عاما) فقد روت حادثا بشعا آخر، قائلة: "ليلة أمس في الساعة الثامنة مساء أطلقوا النار على صبي في السادسة عشرة من عمره. كان يعبر الشارع. دهسوه بالسيارة.. شرطة نيو أورليانز فعلت ذلك ثم خرجوا من السيارة، وأطلقوا على رأسه النار".

وأضافت أن جسد الشاب ظل ممددا على الطريق إلى جانب مدخل مركز المؤتمرات حتى صباح السبت مغطى ببطانية سوداء، وعلى مسافة منه جلست أسرته في حالة من الصدمة.

"هذه هي أمريكا"

المواطنون المذعورون حاولوا الخروج من المدينة إلا أنه كان يتم إجبارهم على العودة بقوة السلاح وهو أمر تقول القوات إنه من أجل مصلحتهم.

وقالت وفونيت جريس جوردان التي لديها 5 أطفال أصغرهم عمره 6 أسابيع فقط: "إنهم يجعلوننا نعيش هنا كالحيوانات.. نحصل فقط على وجبتين وليس هناك أدوية.. هذه هي الولايات المتحدة الأمريكية".

وقال جندي بالحرس الوطني -طلب عدم الكشف عن هويته خشية أن يعاقب من الضابط الذي يقود وحدته معلقا على الافتقار إلى الرعاية الصحية بالمركز-: "إنهم (إدارة بوش) يهتمون بالعراق وأفغانستان أكثر مما يهتمون بمن هنا".

عصابات بالشوارع

وقد أجبر الإعصار مئات الآلاف من الناس على ترك منازلهم، كما سادت الفوضى في نيو أورليانز، حيث جابت عصابات الشوارع، ومارست أعمال سلب وقتل واغتصاب كما تعفنت الجثث بالشوارع.

ووصل 300 من أفراد الحرس الوطني من ولاية أركنسو إلى مدينة نيو أورليانز عقب الإعصار بعد أن صدرت أوامر "بإطلاق النار للقتل" لترويع عصابات السلب والنهب بشوارع المدينة.

وأعلن مسئولون بوزارة الدفاع الأمريكية (البنتاجون) أن 4200 فرد إضافي من الحرس الوطني سينتشرون أيضا خلال أيام بالمدينة، وأن 3000 فرد من جنود الجيش النظامي قد يرسلون أيضا للتعامل مع العصابات المسلحة التي نهبت المتاجر في شتى أنحاء نيو أورليانز.

ورغم نقص الأدوية وانقطاع الكهرباء كافحت المستشفيات لإنقاذ مرضى في حالة حرجة، فيما فقد آلاف من الناس أقاربهم وجرفت مياه الفيضان كل ما يملكون وجلس الناجون على أرصفة الشوارع في انتظار المساعدة التي طال تأخرها.

وأغلب الضحايا فقراء ومن السود، ولم يكن بإمكانهم الفرار من المدينة قبل أن يجتاح الإعصار ساحل الخليج الأمريكي يوم الإثنين؛ لأنهم لا يملكون سيارات.

ووجه زعماء سود بمجلس النواب الأمريكي اتهامات غير مباشرة للإدارة الأمريكية بالعنصرية لتباطُئها في إغاثة الفقراء والسود الذين يشكلون أغلب سكان مدينة نيو أورليانز.

كما أعلن أعضاء بمجلس الشيوخ عن فتح تحقيق فيما وصفوه بـ"الإخفاق الكبير" لاستجابة الحكومة في إغاثة منكوبي كاترينا.

*رويترز